الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»
.تفسير الآيات (86- 89): {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)}قوله عز وجل: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك} فيه وجهان:أحدهما: لأذهبناه من الصدور والكتب حتى لا يقدر عليه.الثاني: لأذهبناه بقبضك إلينا حتى لا ينزل عليك.{ثم لا تجدُ لك به علينا وكيلاً} فيه وجهان:أحدهما: أي لا تجد من يتوكل في رده إليك، وهو تأويل من قال بالوجه الأول.الثاني: لا تجد من يمنعنا منك، وهو تأويل من قال بالوجه الثاني.{إلاّ رحمة من ربك} أي لكن رحمة من ربك أبقاك له وأبقاه عليك.{إنّ فضله كان عليك كبيراً} فيه وجهان:أحدهما: جزيلاً لكثرته.الثاني: جليلاً لعظيم خطره..تفسير الآيات (90- 93): {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)}قوله عز وجل: {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجُر لنا من الأرض ينبوعاً} التفجير تشقيق الأرض لينبع الماء منها، ومنه سمي الفجر لأنه ينشق عن عمود الصبح، ومنه سمي الفجور لأنه شق الحق بالخروج إلى الفساد.الينبوع: العين التي ينبع منها الماء، قال قتادة ومجاهد: طلبوا عيوناً ببلدهم.{أو تكون لك جنةٌ من نخيلٍ وعنب} سألوا ذلك في بلد ليس ذلك فيه.{أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً} أي قطعاً. قرئ بتسكين السين وفتحها، فمن قرأ بالتسكين أراد السماء جميعها، ومن فتح السين جعل المراد به بعض السماء، وفي تأويل ذلك وجهان:أحدهما: يعني حيزاً، حكاه ابن الأنباري، ولعلهم أرادوا به مشاهدة ما فوق السماء.الثاني: يعني قطعاً، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة. والعرب تقول. أعطني كسفة من هذا الثوب أي قطعة منه. ومن هذا الكسوف لانقطاع النور منه، وعلى الوجه الثاني لتغطيته بما يمنع من رؤيته.{أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً} فيه أربعة أوجه:أحدها: يعني كل قبيلة على حدتها، قاله الحسن.الثاني: يعني مقابلة، نعاينهم ونراهم، قاله قتادة وابن جريج.الثالث: كفيلاً، والقبيل الكفيل، من قولهم تقبلت كذا أي تكفلت به، قاله ابن قتيبة.الرابع: مجتمعين، مأخوذ من قبائل الرأس لاجتماع بعضه إلى بعض ومنه سميت قبائل العرب لاجتماعها، قاله ابن بحر.قوله عز وجل: {أو يكون لك بيت من زخرف} فيه وجهان:أحدهما: أن الزخرف النقوش، وهذا قول الحسن.الثاني: أنه الذهب، وهذا قول ابن عباس وقتادة، قال مجاهد: لم أكن أدري ما الزخرف حتى سمعنا في قراءة عبد الله: بيت من ذهب.وأصله من الزخرفة وهو تحسين الصورة، ومنه قوله تعالى: {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت} [يونس: 24].والذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك نفر من قريش قال ابن عباس: هم عتبة ابن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان والأسود بن عبد المطلب بن أسد وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام وعبد الله بن أمية والعاص بن وائل وأمية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج..تفسير الآيات (94- 95): {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95)}قوله تعالى: {وما منع الناس أن يؤمنوا} يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم.{إذ جاءَهم الهُدى} يحتمل وجهين:أحدهما: القرآن.الثاني: الرسول.{إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً} وهذا قول كفار قريش أنكروا أن يكون البشر رُسُل الله تعالى، وأن الملائكة برسالاته أخص كما كانوا رسلاً إلى أنبيائه، فأبطل الله تعالى عليهم ذلك بقوله: {قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً} يعني أن الرسول إلى كل جنس يأنس بجنسه، وينفر من غير جنسه، فلو جعل الله تعالى الرسول إلى البشر ملكاً لنفروا من مقاربته ولما أنسوا به ولداخلهم من الرهب منه والاتقاء له ما يكفهم عن كلامه ويمنعهم من سؤاله، فلا تعمّ المصلحة. ولو نقله عن صورة الملائكة إلى مثل صورتهم ليأنسوا به ويسكنوا إليه لقالوا لست ملكاً وإنما أنت بشر فلا نؤمن بك، وعادوا إلى مثل حالهم..تفسير الآيات (96- 97): {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97)}قوله عز وجل: {ومن يهد الله فهو المهتدِ} معناه من يحكم الله تعالى بهدايته فهو المهتدي بإخلاصه وطاعته.{ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه} فيه وجهان:أحدهما: ومن يحكم بضلاله فلن تجد له أولياء من دونه في هدايته.الثاني: ومن يقض الله تعالى بعقوبته لم يوجد له ناصر يمنعه من عقابه.{ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم} فيه وجهان:أحدهما: أن ذلك عبارة عن الإسراع بهم إلى جهنم، من قول العرب: قدم القوم على وجوههم إذا أسرعوا.الثاني: أنه يسحبون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم كمن يفعل في الدنيا بمن يبالغ في هوانه وتعذيبه.{عُمْياً وبكماً وصماً} فه وجهان:أحدهما: أنهم حشروا في النار عُمي الأبصار بُكم الألسن صُمّ الأسماع ليكون ذلك يزادة في عذابهم، ثم أبصروا لقوله تعالى: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها} [الكهف: 53] وتكلموا لقوله تعالى: {دَعوا هنالك ثبوراً} [الفرقان: 13] وسمعوا، لقوله تعالى: {سمعوا لها تغيظاً وزفيراً} [الفرقان: 12].وقال مقاتل بن سليمان: بل إذا قال لهم {اخسئوا فيها ولا تكلمُون} [المؤمنون: 18] صاروا عمياً لا يبصرون، صُمّاً لا يسمعون، بكماً لا يفقهون.الثاني: أن حواسهم على ما كانت عليه، ومعناه عمي عما يسرّهم، بكم عن التكلم بما ينفعهم، صم عما يمتعهم، قاله ابن عباس والحسن.{مأواهم جهنم} يعني مستقرهم جهنم.{كلما خبت زدناهم سعيراً} فيه وجهان:أحدهما: كلما طفئت أوقدت، قاله مجاهد.الثاني: كلما سكن التهابها زدناهم سعيراً والتهاباً، قاله الضحاك، قال الشاعر:وسكون التهابها من غير نقصان في الآمهم ولا تخفيف من عذابهم. .تفسير الآيات (98- 100): {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (99) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (100)}قوله عز وجل: {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي} فيه وجهان:أحدهما: خزائن الأرض الأرزاق، قاله الكلبي.الثاني: خزائن النعم، وهذا أعم.{إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق} فيه وجهان:أحدهما: لأمسكتم خشية الفقر، والإنفاق الفقر، قاله قتادة وابن جريج.الثاني: يعني أنه لو ملك أحد المخلوقين خزائن الله تعالى لما جاد بها كجود الله تعالى لأمرين:أحدهما: أنه لابد أن يمسك منها لنفقته وما يعود بمنفعته.الثاني: أنه يخاف الفقر ويخشى العدم، والله عز وجل يتعالى في جوده عن هاتين الحالتين.{وكان الإنسان قتوراً} فيه تأويلان:أحدهما: مقتراً، قاله قطرب والأخفش.الثاني: بخيلاً، قاله ابن عباس وقتادة.واختلف في هذا الآية على قولين:أحدهما: أنها نزلت في المشركين خاصة، قاله الحسن. الثاني: أنها عامة، وهو قول الجمهور..تفسير الآيات (101- 104): {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)}قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى تسْع آيات بيناتٍ} فيها أربعة أقاويل:أحدها: أنها يده وعصاه ولسانه والبحر والطوفان والجراد والقُمّل والضفادع والدم آيات مفصلات، قاله ابن عباس.الثاني: أنها نحو من ذلك إلا آيتين منهن إحداهما الطمس، والأخرى الحجر، قاله محمد بن كعب القرظي.الثالث: أنها نحو من ذلك، وزيادة السنين ونقص من الثمرات، وهو قول الحسن.الرابع: ما روى صفوان بن عسال عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قوماً من اليهود سألوه عنها فقال: «لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تمشوا ببرئ الى السلطان ليقتله، ولا تقذفوا محصنة، ولا تفرُّوا من الزحف، وأنتم يا يهود خاصة لا تعدُوا في السبت» فقبلوا يده ورجله.{فاسأل بني إسرائيل} وفي أمره بسؤالهم وإن كان خبر الله أصدق من خبرهم ثلاثة أوجه:أحدها: ليكون ألزم لهم وأبلغ في الحجة عليهم.الثاني: فانظر ما في القرآن من أخبار بني إسرائيل فه سؤالهم، قاله الحسن.الثالث: إنه خطاب لموسى عليه أن يسأل فرعون في إطلاق بني إسرائيل قاله ابن عباس.وفي قوله {إني لأظنك يا موسى مسحوراً} أربعة أوجه:أحدها: قد سُحرت لما تحمل نفسك عليه من هذا القول والفعل المستعظمين.الثاني: يعني ساحراً لغرائب أفعالك. الثالث: مخدوعاً.الرابع: مغلوباً: قاله مقاتل.{وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً} فيه خمسة أوجه:أحدها: مغلوباً، قاله الكلبي ومقاتل. وقال الكميت:الثاني: هالك، وهو قول قتادة.الثالث: مبتلى، قاله عطية.الرابع: مصروفاً عن الحق، قاله الفراء.الخامس: ملعوناً، قاله أبان بن تغلب وأنشد: قوله عز وجل: {فأراد أن يستفزهم من الأرض} وفيه وجهان:أحدهما: يزعجهم منها بالنفي عنها، قاله الكلبي.الثاني: يهلكهم فيها بالقتل. ويعني بالأرض مصر وفلسطين والأردن.قوله عز وجل: {فإذا جاءَ وعد الآخرة} فيه ثلاثة أقاويل:أحدها: وعد الإقامة وهي الكرة الآخرة، قاله مقاتل.الثاني: وعد الكرة الآخرة في تحويلهم إلى أرض الشام.الثالث: نزول عيسى عليه السلام من السماء، قاله قتادة.{جئنا بكم لفيفاً} فيه تأويلان:أحدهما: مختلطين لا تتعارفون، قاله رزين.الثاني: جئنا بكم جميعاًً من جهات شتى، قاله ابن عباس وقتادة. مأخوذ من لفيف الناس.
|